responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 371
المقرّبة من رضاه، الموصلة إلى ثوابه. والوسيلة فعلية بمعنى ما يتوسل به، أي يتقرب، وليست مصدرا، ولذا تعلّق بها ما قبلها، وهو (إليه) .
قال العلامة أبو السعود [1] : ولعلّ المراد بها الاتقاء المأمور به، فإنّه ملاك الأمر كله، كما أشير إليه، وذريعة لنيل كل خير، ومنجاة من كل ضير. فالجملة حينئذ جارية مما قبلها مجرى البيان والتأكيد، أو مطلق الوسيلة وهو داخل فيها دخولا أولياء.
وقيل: الجملة الأولى أمر بترك المعاصي، والثانية أمر بفعل الطاعات.
ولما كان فعل الحسنات وترك السيئات شاقا على النفس الداعية إلى اللذات الحسية، المخالفة للعقل الداعي إلى الفضائل أردف الله تعالى هذا التكليف بقوله:
وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.
قال الإمام فخر الدين [2] : وهذه الآية آية شريفة مشتملة على أسرار روحانية، ونحن نشير هاهنا إلى واحد منها، وهو: أن من يعبد الله تعالى فريقان: منهم من يعبد الله لا لغرض سوى الله، ومنهم من يعبده لغرض آخر، والمقام الأول هو المقام الشريف العالي، وإليه الإشارة بقوله: وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ أي في سبيل عبوديته وطريق الإخلاص في معرفته وخدمته، والمقام الثاني دون الأول، وإليه الإشارة بقوله: لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ والفلاح اسم جامع للخلاص من المكروه، والفوز بالمحبوب.
قال الله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38) فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (39)
أوجب الله تعالى في الآية السابقة قطع الأيدي والأرجل عند أخذ المال على سبيل المحاربة، وبيّن في هذه الآية أنّ أخذ المال على سبيل السرقة يوجب القطع أيضا، وإن كان بينهما اختلاف ما.
قيل: نزلت هذه الآية في طعمة بن أبيرق حين سرق درع جار له، يدعى قتادة بن النعمان في جراب دقيق، به خرق، وخبأها عند زيد بن السمين اليهودي، فتناثر الدقيق من بيت قتادة إلى بيت زيد، فلما تنبه قتادة للسرقة التمسها عند طعمة فلم توجد، وحلف ما أخذها، وما له بها علم، ثم تنبهوا إلى الدقيق المتناثر، فتتبعوه حتى وصل إلى بيت زيد، فأخذوها منه، فقال: دفعها إليّ طعمة، وشهد ناس من اليهود بذلك، وهمّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يجادل عن طعمة، لأنّ الدرع وجد عند غيره، فنزل قوله تعالى، وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ
[النساء: 107] ثم نزلت هذه الآية لبيان حكم السرقة، وفرّ طعمة، ومات أثناء فراره.

[1] في تفسيره إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (3/ 32) .
[2] في تفسيره مفاتيح الغيب والمعروف أيضا بالتفسير الكبير (11/ 220) .
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 371
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست